اعتقل جهاز أمن الدولة في نيجيريا – المعروف بـ “خدمة أمن الدولة النيجيرية” (Department of State Services) – “غودوين إيمفييلي” (Godwin Emefiele) – الذي شغل منصب محافظ البنك المركزي منذ 4 يونيو 2014, وذلك بعد ساعات فقط من إيقافه الفوري من منصبه في 9 يونيو 2023 من قبل الرئيس النيجيري الجديد “بولا تينوبو“.
وقال المتحدث باسم الجهاز الأمني إن “إيمفييلي” محتجز للتحقيق معه, بينما أفادت منصات الأخبار الوطنية بأن الاعتقال جاء نتيجة سوء تعامله مع أموال الدولة إبان قيادته للبنك المركزي وبعض التصرفات غير الشرعية, بما في ذلك تمويل الإرهاب والأنشطة الاحتيالية والمشاركة في الجرائم الاقتصادية ذات البعد الأمني القومي وسوء إدارة البنك المركزي وبرامجه, بالإضافة إلى غسل الأموال ومنح الفوائد المالية لنفسه وللمقربين منه.
وفي حين لم يُقدِّم المتحدث باسم الجهاز الأمني تفاصيل حول طريقة اعتقاله أو مكان احتجازه, إلا أن الصحف المحلية كشفت أن المصرفي اعتُقِل من منزله في لاغوس ونُقل جواً إلى منطقة “أسوكورو” في أبوجا – عاصمة نيجيريا – تحت حراسة مشددة من أفراد الجهاز الأمني, وذلك لاستجوابه. وأشارت تقارير إلى أن الاعتقال كان مساء يوم الجمعة (الموافق يوم 9 يونيو 2023), بينما غرّد حساب جهاز أمن الدولة في نيجيريا على منصة تويتر صباح السبت بأن المصرفي ليس في عهدته يوم الجمعة، مما يعني أنه كان في عهدة الجهاز يوم السبت.
جدير بالذكر أن علاقة “إميفييلي” مع جهاز أمن الدولة كانت مضطربة مؤخرًا, حيث اتهمه الجهاز في العام الماضي بارتكاب جرائم مختلفة. وكشفت تقارير بأن الجهاز طلب سرًا أمر محكمة في ديسمبر الماضي لاعتقاله بتهمة “تمويل الإرهاب والأنشطة الاحتيالية والجرائم الاقتصادية ذات البعد الأمني القومي”, ولكن المحكمة الفيدرالية العليا في أبوجا رفضت الطلب لأن الجهاز الأمني فشل في تقديم أدلة كافية لتبرير إصدار مذكرة توقيف ضده. كما تجاهل الرئيس السابق “محمد بخاري” جميع التهم التي قدمتها إليه وكالات مختلفة بشأن مخالفات “إيميفييلي” المالية.
من جانب آخر, واجه “إميفييلي” انتقادات كثيرة من قبل النيجيريين بسبب مشاركته المثيرة للجدل في السياسة الحزبية، حيث تنافس على التذكرة الرئاسية تحت “حزب المؤتمر التقدمي” (All Progressives Congress) الحاكم في الانتخابات الأخيرة بالرغم من أن كونه محافظا للنبك المركزي النيجيري يتطلب منه الحيادية وعدم إدخال السياسة الحزبية في هذه المؤسسة المسؤولة عن مراقبة وتوجيه النظام المصرفي في الدولة. وأدت أنشطته هذه أيضا إلى مخاوف الخبراء الاقتصاديين من حيادية الحزب الحاكم في الانتخابات الأخيرة واستقلالية البنك المركزي.
على أن بعض الأحزاب المعارضة رفضت قرار الرئيس “تينوبو” بتعليق “إيمفييلي” وإيقافه من منصبه, حيث قال حزب العمل إن تعليقه غير دستوري لأن الرئيس لم يطلب إذنًا من الجمعية الوطنية بشأن القرار وأن الإجراء المتبع غير قانوني اعتمادا على قضية سابقة قبل سنوات عندما أقال الرئيس “غودلاك جوناثان” محافظ البنك المركزي السابق – “سانوسي لاميدو سانوسي”-، تساءل البرلماني “فيمي باجابياميلا” زعيم الأقلية المعارضة وقتذاك عن صلاحيات الرئيس في إقالة “سانوسي” موضّحا أن الرئيس بحاجة إلى إذن برلماني بموجب الدستور. ولكن المفارقة أن البرلماني الذي عارض قرار “جوناثان” وقتذاك هو من يدعم الرئيس الجديد “تينوبو” ويعمل معه دون معارضة لقرار إيقاف “إيمفييلي”
وتذهب بعض الآراء إلى أن الرئيس الحالي “بولا أحمد تينوبو” ربما يعتقل “إيمفييلي” انتقاما منه بسبب مساهماته في محاولة عرقلة فوزه في الانتخابات الأخيرة من خلال إعاقة حملاته الانتخابية، حيث أطلق البنك المركزي بقيادة “إيمفييلي” تغيير الفئات الكبيرة من العملة النقدية الوطنية في ليلة وضحاها بدعوى الحدّ من حركات بعض السياسيين في شراء الأصوات. ورغم تأييد الرئيس السابق “بخاري” لهذه السياسة إلا أن أصحاب هذا الرأي يرون أن الرئيس الجديد “تينوبو” يحمّل “إيمفييلي” مسؤولية هذه السياسة لكونه رئيس البنك المركزي.
أما “إيميفييلي”؛ فقد نفى في أوقات مختلفة ارتكاب أي خطإ، مصرًّا على أنه مارس حقه وفق القانون. بينما تحولت قضية الإيقاف والاعتقال إلى مزاعم استهداف إثنية الإيبو من قبل إدارة “تينوبو” الجديدة, حيث ينتمي “إيميفييلي” إلى الإيبو واجتمع عدد غفير من المحامين وأنصار حزب العمل المعارض لإظهار غضبهم دفاعا عن براءة “إيميفييلي” رغم حوالي 10 تهم الموجهة إليه من قبل الجهاز الأمني.